--------------------------------------------------------------------------------
كانت وحيدة في حياتها كانت تتمنى أن يرزقها الله بزوج صالح لكي يرزقها الله بطفل منه وفعلا تزوجت ذلك الرجل الذي أتى طالبا يداها وكانت علامات الوقار والرزانة ظاهرة على ملامحه و لكن ذلك الرجل لم يصارحها ويخبرها انه عقيم وانه تزوج قبلها ثلاث مرات ووافقت على الزواج منه ودام زواجاهما سنتين لم ترزق خلالها بطفل وعرفت بعد ذلك انه عقيم فطلبت منه الطلاق فهي لم ترد رجلا في حياتها بل أرادت طفلا ومادام ذلك الرجل لم يمنحها ما تريد فلماذا تبقى على عصمته .. لكنه رفض الطلاق وهي لم تيأس فلقد لجأت إلى المحكمة لتطلب حقها بالطلاق بحجة انه غير قادر على الإنجاب ووافقت المحكمة على طلبها وطلقتها وأخرجته من حياتها وللأبد.
لكنها لم تيأس في البحث عن رجل أخر وفعلا وجدته جالسا على نوافذ إحدى المكاتب الهندسية لفت انتباهها في بادئ الأمر تلك الجلسة التي اتخذها فقد كانت خطيرة ولكن قبل أن تصارحه بما تريد راحت تسال عنه وعن أخلاقه وعن عائلته واهتمت كثيرا بحالته الصحية لأنه في النهاية طفلها سيحمل اسمه وبعض من صفاته ..
هي لم ترد أن تظلم ابنها وتختار أبا على أهوائها الشخصية أو إرضاءً لنزواتها وبعد أن أنهت جمع المعلومات عنه وجدته مهندسا معماريا يملك المكتب الذي كان يجلس على نافذته و يبلغ من العمر 35 وهو أعزب ويبحث عن زوجة له وكان وسيما وأنيقا
توجهت إلى مكتبه بحجة بناء عمارة سكنية في ذلك اليوم اختارت ملابسها بعناية شديدة فهي لم ترد أن تظهر له أنها مبتذلة أو محافظة جدا ودخلت إليه وقالت له إنها تريد أن تتحدث معه في موضوع ما هو لم يرفض ذلك لأنه للان لا يعرف ماذا تريد منه.
وأخبرته عن اسمها وانه طوال الفترة السابقة كانت تجمع معلومات عنه .. صممت قليلا ولكنه قطع صمتها وسألها لماذا قمت بجمع المعلومات عني نظرت إليه وقالت أريد منك طفلا...
وهنا صعق وتغيرت ملامح وجهه ونظر إليها بنظرة استغراب وقالت له بعد ذلك .. انتظر قليلا أنا لم انهي كلامي وفعلا انتظر وحمدت ربها على ذلك لأنها لم تكن تدري ماذا سيفعل أو ما هي ردة فعله أمام هذا الكلام وقالت له أنها تريد أن تحصل على ذلك الطفل بطريقة شرعية أي عن طريق الزواج منه وأنها لم تقصد أي طريق أخر وهي لم تخفي عنه أنها كانت متزوجة من رجل عقيم ولهذا طلبت الطلاق وخلعته وانه سيصبح حرا بعد إنجابها الطفل وأنها ستدفع له أي مبلغ من المال يطلبه وقبل أن تودعه أعطته أسبوعا ليفكر وأعطته أيضا ورقة دونت عليها أرقام هواتفها جميعها.
طوال الأسبوع كانت تنتظر رده على نار.. هي لم تخرج من بيتها كانت تنتظر اتصاله وفي نهاية الأسبوع اتصل ولم تسأله عن أحواله بل سألته مباشرة هل أنت موافق أم لا سكت قليلا وقال لها انه موافق وأعادت السؤال مرة أخرى لتتأكد من أجابته وموقفه وعندما اخبرها انه موافق مرة أخرى فرحت كثيرا.
وطلبت منه إجراء فحوصات ما قبل الزواج وكانت النتائج ايجابية وزاد ذلك من فرحها وبعد أسبوعين حددا موعد الزواج وكانت فرحتها عظيمة لا تقدر بثمن وبعد ستة اشهر من الحب والسعادة التي كانت تعيشها اخبرها الطبيب الخبر الذي كانت تحلم به اخبرها أنها ستصبح آما فرحت كثيرا فقد وصلت لما تريد وأخبرت زوجها إنها ستصبح أماً وانه بعد انتهاء أشهر الحمل يمكنه الانفصال عنها كانت هي تحضر كل ما يحتاج الطفل وهو كان يحضر أحيانا أشياء له ولكنه لم يكن مهوساً به مثلها هي..
وبعد تسعة اشهر انطلقت تلك الصرخة من تلك الروح التي خلقها الله هي في قرارة نفسها قالت أنها لا تريد شيئا بعد ذلك فقد حصلت على ما تريد لقد رزقها الله بالطفل الذي تريده.فأخبرته انه الآن بإمكانه الرحيل فهي لم تعد بحاجته وفعلا قرر الرحيل وودع طفله وقبله قبلة الوداع واخذ معه حقيبة ملابسه وشكرها على تلك الأشهر السعيدة التي قدمتها له وهي أيضا لم تنسى أن تشكره على تلك الأشهر فقد كانت سعيدة معه وأخبرته انه بإمكانه القدوم لزيارة طفله في أي وقت يشاء.
ومرت سنة ولم يعرف أي احد منهما أي خبر عن الأخر ولكنها في بعض الأحيان كانت تحتاجه تحتاج دفيء يديه وصدره وكانت تتمنى أحيانا لو أنها لم تقل له أن يرحل وان بإمكانه البقاء معها.
في ذلك الصباح استيقظت على صوت رنين الجرس .. لم تصدق ما رأت لقد كان هو وكأنه كان يسمع ما تفكر به ولكن في هذه السنة تغير شكله كثيرا فتحت الباب ورحبت به بحرارة وقال لها انه أتى ليرى الطفل ويريد أيضا أن يمضى وقتا معه .. هي لم تمانع وبقى بضعة أيام مع الطفل لقد كان سعيدا بقربه من طفله.
وقد شعرت خلال تلك الأيام أن حياتها تغيرت وفي صباح باكر قال لها انه غدا سيرحل ولكنه سيعود لأن لديه أشغال كثيرة في مكتبه الهندسي يريد أن ينجزها .. هي لم تقل كلمة واحدة وانتظرت حتى الصباح ولكن ما أسوء الانتظار ففي تلك الليلة كانت تريد أن تقول له لا تذهب لكنها تمنت منه أن يبقى من دون أن تطلب منه فتعرف إنه يحبها وفي الصباح الباكر تناولا الطعام مع الطفل كانا كليهما مشتت الفكر كل منهما يريد من الأخر أن يقول له أبقى ليعرف إن كان يحبه .. وحان موعد الرحيل وسألته متى ستعود قال لها لا اعرف اسألي الطفل هو سيجيبك وخرج .. لم تدري ماذا تفعل سوى البكاء وهو أيضا كان تعيسا لقد كان ذلك واضحا على ملامح وجهه نظرت إليه من النافذة وحملت في يدها الطفل .. نظر إليها و إلى الطفل ورأى الدموع في عينيها فعرف أنها تحبه فعاد مرة أخرى إلى البيت هي تذكرت انه لم ينسى أي شيء فلماذا عاد ، عاد وسألها لماذا تبكين .. لم تجاوبه وانهمرت في البكاء وأحست بيده تمسح دموعها وتذكرت دفيء يديه عندما لمست وجنتيها كانت خائفة من رحيله فهي لا تريد منه أن يرحل لكنها لم تقلها بلسانها بل بعينيها التي اغرورقتا بالدموع بدموع الحب ونظر إليها وسألها هل تحبيني إجابته بلهفة نعم وسألها مرة أخرى هل تريدينني أن أبقى معك لارعاكي وأرعى الطفل هي لم تجاوبه بل أسرعت إليه ليضمها إلى صدره واتفقا أن يعيشا معا بسعادة مثل الأيام الماضية إلى الأبد يربيان اطفالهما في جو مريح مليء بالحب والسعادة التي كان يقدمها كل منهما للآخر على طبق من ذهب..